على مدار عقود، ظل عشاق التنس يشهدون هيمنة ثلاثي الأساطير: نوفاك دجوكوفيتش، رافائيل نادال، وروجيه فيديرر، على الألقاب الكبرى في بطولات الغراند سلام. فقد تمكن هؤلاء النجوم من حصد 66 لقبًا من أصل 81 نسخة من تلك البطولات بين عامي 2003 و2023. ومع هذا التفوق الساحق، ظلت تساؤلات متكررة تدور حول موعد نهاية عصر هؤلاء العمالقة.
في عام 2022، أسدل فيديرر الستار على مسيرته المذهلة بعد فوزه بـ20 لقبًا في الغراند سلام، في حين أن نادال، الذي أضاف لقبه الـ14 في رولان غاروس والأخير له في البطولات الكبرى في العام ذاته، عانى من إصابات حالت دون استمراره في المنافسة بشكل منتظم. من جهة أخرى، تمكن دجوكوفيتش من إضافة ثلاثة ألقاب كبرى إلى رصيده في عام 2023، ليصل إلى إجمالي 24 لقبًا. لكنه، ورغم تحقيقه للذهب الأولمبي، فشل هذا العام في إضافة أي لقب غراند سلام جديد للمرة الأولى منذ عام 2017.
لكن، مع بروز جيل جديد من المواهب، يبدو أن مشهد التنس العالمي يشهد تحولًا جذريًا. فقد تمكن يانيك سينر من حصد لقبه الثاني في البطولات الكبرى والأول في أميركا المفتوحة، ليعيد التنس 31 عامًا للوراء، إلى حقبة شهدت سيطرة لاعبين شباب على ألقاب الغراند سلام. ومع تتويج كارلوس ألكاراز بلقب رولان غاروس وويمبلدون، وسينر بألقاب أستراليا المفتوحة وأميركا المفتوحة، أصبح العام الحالي هو الأول منذ عام 1993 الذي يفوز فيه لاعبان تحت سن 23 عامًا بجميع ألقاب البطولات الأربع الكبرى.
وكانت آخر مرة شهدت فيها بطولات الغراند سلام تتويج لاعبين تحت سن 23 عامًا في عام 1993، عندما فاز جيم كورير وسيرغي بروغيرا وبيت سامبراس بألقاب البطولات الأربع الكبرى. اليوم، تمكن سينر وألكاراز من إزاحة دجوكوفيتش في طريقهما إلى المجد، حيث فاجأ سينر الصربي في نصف نهائي أميركا المفتوحة، في حين نجح ألكاراز في التغلب عليه في نهائي ويمبلدون للمرة الثانية على التوالي.
إن صعود الثنائي سينر وألكاراز وإعادة رسم خارطة التنس العالمي، يثير التساؤل حول ما إذا كانت حقبة الثلاثي الكبير قد انتهت، أم أن دجوكوفيتش سيعود في الموسم المقبل ليعيد بريق تلك الأيام. لكن الشيء المؤكد هو أن مستقبل التنس يبدو مشرقًا مع جيل جديد قادر على تحقيق إنجازات كبرى.